 
						يقول أبو القاسم الشابي  
  
أَراكِ فَتَحْلو لَدَيَّ الحَيَاةُ *** ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأَملْ  
وتنمو بصدري وُرُودٌ عِذابٌ *** وتحنو على قلبيَ المشْتَعِلْ  
ويفْتِنُني فيكِ فيضُ الحَيَاةِ *** وذاك الشَّبابُ الوديعُ الثَّمِلْ  
ويفْتِنُني سِحْرُ تِلْكَ الشِّفاه *** ترفرفُ مِنْ حَوْلهنَّ القُبَلْ  
فأَعبُدُ فيكِ جمالَ السَّماءِ *** ورقَّةَ وردِ الرَّبيعِ الخضِلْ  
وطُهْرَ الثُّلوجِ وسِحْرَ المروج *** مُوَشَّحَةً بشُعاعِ الطَّفَلْ  
أَراكِ فأُخْلَقُ خلْقاً جديداً *** كأنِّيَ لمْ أَبْلُ حربَ الوُجُودْ  
ولم أَحتمل فيه عِبئاً ثقيلاً *** من الذِّكْرَياتِ التي لا تَبيدْ  
وأَضغاثِ أَيَّاميَ الغابراتِ *** وفيها الشَّقيُّ وفيها السَّعيدْ  
ويغْمُرُ روحِي ضِياءٌ رَفيقٌ  *** تُكلِّلهُ رائعاتُ الورودْ  
وتُسْمِعُني هاتِهِ الكائِناتُ *** رقيقَ الأَغاني وحُلْوَ النَّشيدْ  
وتَرْقُصُ حَولي أَمانٍ طِرابٌ *** وأَفراحُ عُمْرٍ خَلِيٍّ سَعيدْ  
أَراكِ فتخفُقُ أَعصابُ قلبي *** وتهتزُّ مِثْلَ اهتزازِ الوَتَرْ  
ويُجري عليها الهَوَى في حُنُوٍّ *** أَناملَ لُدْناً كرَطْبِ الزَّهَرْ  
فتخطو أَناشيدُ قلبيَ سَكْرى *** تغرِّدُ تَحْتَ ظِلالِ القَمَرْ  
وتملأُني نشوةٌ لا تُحَدُّ *** كأَنِّيَ أَصبحتُ فوقَ البَشَرْ  
أَودُّ بروحي عِناقَ الوُجُودِ *** بما فيهِ مِنْ أَنْفُسٍ أَو شَجَرْ  
وليلٍ يفرُّ وفجرٍ يكرُّ  *** وغَيْمٍ يوَشِّي رداءَ السِّحَرْ  
  
صوت عاصم السيد
